أفسح الحزب الديمقراطي الكردستاني المجال أمام حوار “الفرصة الأخيرة” مع بغداد لحل أزمة الرواتب ومعالجة الملفات العالقة بين الجانبين.
وتتصاعد حدّة الأزمة في العراق في ضوء تعليق بغداد تسليم الرواتب لإقليم كردستان العراق، لحين تسليم الأخير التزاماته النفطية للحكومة المركزية.
ويرفض إقليم كردستان من حيث المبدأ ربط الرواتب بتسليم النفط، فيما لا يزال يأمل بالتفاوض بشأن بيع حصصه مباشرة.
بيان حذر ورسالة مشروطة
وجاء في بيان صدر عن المكتب السياسي للحزب الديمقراطي الكردستاني، مساء السبت، أن “الشخصيات والقوى السياسية في بغداد، إلى جانب الحكومة الاتحادية، تعهّدت بحل مسألة الرواتب والاستحقاقات خلال الأيام المقبلة”، وهو ما دفع الحزب إلى تعليق قرارات تصعيدية، وإعطاء “فرصة أخيرة” للحكومة، مراعاةً لما وصفه بـ”المصلحة العليا والظروف العامة”.
وذكر الحزب في بيانه الذي اطّلعت عليه “العين الإخبارية”، أنه “في سياق الأزمة القائمة بين إقليم كردستان والحكومة الاتحادية العراقية بشأن حسم مسألة صرف الرواتب والموازنة والاستحقاقات المالية الخاصة بالإقليم، اجتمع اليوم المكتب السياسي للحزب الديمقراطي الكردستاني لبحث الموقف اللازم اتخاذه”.
وأضاف أن “القيادي في الحزب، وزير الخارجية ونائب رئيس الوزراء العراقي فؤاد حسين، وبعد إجراء محادثات مع عدد من الأطراف السياسية العراقية، عاد اليوم إلى كردستان، وأبلغ المكتب السياسي للحزب بأن الشخصيات والقوى السياسية، إلى جانب الحكومة الاتحادية العراقية، قد تعهّدت بإيجاد حل لهذه الأزمة، وأكدت أن مسألة إرسال الرواتب والاستحقاقات المالية لإقليم كردستان سيتم حلها خلال الأيام القليلة القادمة”.
وتابع: “بناءً على هذا التعهد، ومن منطلق الحرص على استمرار الحوار بهدوء، ومراعاةً للظروف العامة والمصلحة العليا، رأينا أن نمنح الحكومة الاتحادية العراقية في بغداد فرصة أخيرة من أجل إيجاد مخرج لهذه الأزمة”.
ولفت إلى أنه “كان ولا يزال إيماننا راسخًا بأن الحوار هو السبيل الأفضل، وأنه من خلال الفهم المتبادل يمكننا حل جميع القضايا العالقة”.
المالكي يتدخل
وكشفت مصادر سياسية رفيعة لـ”العين الإخبارية” عن أن رئيس ائتلاف دولة القانون، نوري المالكي، أجرى اتصالًا مباشرًا مع رئيس إقليم كردستان، نيجيرفان بارزاني، خلال الساعات الماضية، طالبًا من الحزب التروي وعدم اتخاذ قرارات أحادية أو الانسحاب من الحكومة، ما قد يتسبب في “إرباك المشهد السياسي”، لا سيما في ظل الأزمة الإقليمية المتفاقمة.
وقالت المصادر في الإطار الشيعي الحاكم: “هناك ضغوط واضحة تُمارَس على الحزب من قوى الإطار التنسيقي، وعلى رأسهم المالكي، مع وعود مباشرة بصرف الرواتب قريبًا، لكن الحزب لا ينظر إلى الرواتب كملف مالي فقط، بل كاختبار لمصداقية الشراكة مع بغداد”.
وتابعت المصادر أن “الإطار الشيعي، ومن بينهم رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، كلف المالكي بجهود الوساطة مع إقليم كردستان لحل إشكالية أزمة الرواتب”.
رسائل تهدئة
ووفقًا للمصادر، فإن وزير الخارجية فؤاد حسين، العائد من بغداد، نقل تطمينات سياسية إلى قيادة الحزب مفادها أن الحكومة الاتحادية ستبادر خلال أيام إلى تحويل المخصصات المالية للإقليم، وهو ما اعتبرته مصادر مقرّبة من الحزب “اختبارًا أخيرًا قبل إعادة تقييم الموقف برمّته”.
“لسنا ورقة ضغط”
وفي تصريح خاص لـ”العين الإخبارية”، قال القيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني، شيروان دوبرداني، إن “المشكلة لا تتعلق فقط بصرف الرواتب، بل في سلوك سياسي من بغداد ينظر إلى الإقليم كطرف تابع وليس شريكًا”.
وأضاف في حديثه لـ”العين الإخبارية”: “إذا لم يتم الالتزام بالوعود، فكل الخيارات ستكون مطروحة، بما فيها إعادة النظر في المشاركة بالحكومة الحالية”.
أعمق من الرواتب
ويرى المحلل السياسي العراقي وائل الركابي أن الأزمة بين بغداد وأربيل “ليست مالية بقدر ما هي أزمة ثقة متبادلة”، لافتًا في حديثه لـ”العين الإخبارية” إلى أن “الاتفاقات التي تُبرم في اللحظات الحرجة غالبًا ما تفتقر إلى الضمانات التنفيذية”.
وأضاف: “الحزب الديمقراطي يدرك أنه في موقف تفاوضي قوي حاليًا، خاصة مع ازدياد الضغط الشعبي داخل الإقليم، وبالتالي فإن أي إخلال من بغداد سيقوّي توجهات الانسحاب أو التصعيد السياسي الكردي”.
ويخشى كثيرون أن يؤدي استمرار هذا التوتر إلى تفكك التوافق السياسي الذي تشكلت على أساسه حكومة محمد شياع السوداني، خاصة أن الحزب الديمقراطي الكردستاني يُشكّل أحد أركان التحالف الثلاثي الذي دعم الحكومة منذ ولادتها.
وفي هذا السياق، قال المحلل السياسي علي فضل الله في حديث لـ”العين الإخبارية”: “على الحكومة أن تضع حدًا للتسويف، لأن العلاقة مع الإقليم لا تتحمل المزيد من المماطلة. وإذا خرج الحزب الديمقراطي من المعادلة، فستُفتح جبهة سياسية لا أحد يريدها الآن”.
aXA6IDUxLjkxLjIyNC4xNDQg جزيرة ام اند امز