تهديدات عالمية: تصاعد الصراعات الإقليمية بعد 80 عامًا على الحرب العالمية الثانية
بعد مرور ثمانين عامًا على انتهاء الحرب العالمية الثانية، يقوم الخبراء بتحذير المجتمع الدولي من أن العالم يوشك على الاقتراب من حافة صراعات إقليمية قد تتطور إلى نزاعات عالمية. في الوقت الذي يستبعد فيه البعض احتمالية تكرار الحروب الشاملة، يؤكد محللون في الشؤون الجيوسياسية على وجود خمس نقاط توتر رئيسية قد تتفجر خلال السنوات الخمس القادمة، مما قد ينجم عنه آثار جسيمة وفقدان كبير في الأرواح.
أسس التحليل
يعتمد هذا التحليل على تقارير استخباراتية جديدة ومقابلات مع خبراء دوليين، ويُركز على خمسة نزاعات محتملة قد تعيد تشكيل الخرائط الجيوسياسية للعالم.
1. الهند وباكستان: صراع نووي يلوح في الأفق
تشير المجادلات الدائرة بين الهند وباكستان إلى أحد أخطر سيناريوهات التوتر. حيث تملك الدولتان ترسانات نووية معتبرة، ومع تصاعد التوترات في بداية مايو الماضي عقب هجوم إرهابي في منطقة كشمير المتنازع عليها، شهدت المنطقة تبادلًا لإطلاق الصواريخ غير النووية، مستهدفة قواعد عسكرية على جانبي الحدود. يعتبر هذا التصعيد الأخطر منذ عقود بين الطرفين.
تشير التقديرات إلى أن باكستان تمتلك حوالي 170 سلاحًا نوويًا، فيما تمتلك الهند نحو 180 سلاحًا. أي تبادل نووي في جنوب آسيا من شأنه أن يتحول إلى كارثة بيئية واقتصادية، تتجاوز فقط الخسائر البشرية المباشرة. أفريل هاينز، التي شغلت منصب مديرة الاستخبارات الوطنية خلال فترة رئاسة بايدن، تعبر عن قلق عميق حيال “احتمالية تصعيد التوتر من صفر إلى 60 في المئة”. كما أن العقيدة العسكرية الباكستانية تنحى نحو استخدام القوة النووية بسرعة، مما قد يؤدي إلى نشوب حرب نووية شاملة.
2. الصين وتايوان: صراع يحدد قيادة النظام العالمي
تمثل قضية تايوان واحدة من القضايا الجيوسياسية الخطيرة التي قد تحدد شكل النظام العالمي في القرن الحادي والعشرين. يلتزم الرئيس الصيني، شي جينبينغ، بفكرة أن تايوان هي جزء لا يتجزأ من الصين، وقد هددت بكين بإعادة توحيد الجزيرة بالقوة إذا دعت الضرورة. يعتقد الخبراء أن الرئيس قد حدد العام 2027 كموعد نهائي لاستعداد جيشه لغزو الجزيرة، حيث تُجري بكين تدريبات عسكرية مكثفة وتعمل على تعزيز قدراتها البرمائية.
يعتبر هذا النزاع اختبارًا حاسمًا للهيمنة العالمية، ويعكس الصراع بين الولايات المتحدة والصين. ورغم التأكيدات الأمريكية على دعم تايوان، تثار الشكوك بشأن مدى التزام الإدارة الحالية بنفس مستويات الدعم السابقة. إذا نجحت الصين في فرض سيطرتها على تايوان، فسوف يرتب ذلك إعادة تشكيل التحالفات في منطقة المحيط الهادئ، وقد يُجبر دولًا مثل كوريا الجنوبية واليابان على التفكير في التسلح النووي لحماية نفسها.
3. روسيا ودول البلطيق: محاولة لتفكيك النظام الغربي
تحت قيادة الرئيس فلاديمير بوتين، تسعى روسيا إلى استعادة نفوذها في المنطقة، ومن المعروف أن دول البلطيق الثلاث (إستونيا ولاتفيا وليتوانيا) تمثل أهدافًا مغرية نظرًا لصغر حجمها وقلة عدد سكانها. يسعى بوتين من خلال أي توغل محتمل إلى تحقيق هدفين رئيسيين: استعادة أراضٍ يعتبرها جزءًا تاريخيًا من روسيا، وتفكيك النظام الليبرالي الغربي. في حال سمح الغرب لروسيا بإعادة احتلال إحدى هذه الدول، فإن ذلك سيُظهر أن التحالفات الأمنية الغربية ليست سوى وعود بلا قيمة، مما قد يقود إلى تفكك تلك التحالفات.
4. الهند والصين: نزاع حدودي متواصل
ترجع جذور النزاع الحدودي بين الهند والصين إلى فترة الاستعمار البريطاني، حيث لم تقبل الصين الحدود التي رُسمت في عام 1914. وعلى الرغم من حدوث صراعات محدودة كحرب عام 1962، إلا أن التوترات لا تزال تتصاعد. أحداث عام 2020 شهدت اشتباكات عنيفة في وادي غالوان بين القوات الهندية والصينية، واستخدم فيها الجنود الأيدي والحجارة والهراوات، مما أسفر عن مقتل عدد من الجنود من الجانبين.
عدم وجود قنوات حوار فعالة بين البلدين يُعزز من احتمالات نشوب حرب، حيث تتجنب الصين بانتظام إنشاء مثل هذه القنوات، مما يجعل أي أزمة قابلة للتصعيد بشكل سريع.
5. شبه الجزيرة الكورية: صراع لم يُختم رسميًا
على الرغم من مرور أكثر من 70 عامًا، لا تزال الحرب الكورية لم تنته بشكل رسمي. وتشكل المنطقة المنزوعة السلاح بين الكوريتين الشمالية والجنوبية واحدة من أكثر المناطق تحصينًا في العالم. وتمثل القدرات النووية لكوريا الشمالية تهديدًا كبيرًا، حيث يُعتقد أن بيونغ يانغ تمتلك حوالي 50 سلاحًا نوويًا، ولديها ما يكفي من المواد الانشطارية لإنتاج 40 رأسًا إضافيًا.
يعاني نظام كيم جونغ أون من مشكلات داخلية مثل المجاعة، ويعد السلاح النووي هو وسيلته الدفاعية الأساسية. في حال شعر كيم بوجود تهديد لحياته أو نظامه من الغرب، قد يُقدم على استخدام ترسانته النووية ضد كوريا الجنوبية، مما قد يؤدي إلى اندلاع صراع إقليمي كبير.