أكد الدكتور حسن اليداك، أمين الفتوى في دار الإفتاء المصرية، أن حديث النبي صلى الله عليه وسلم: «لا يجلد أحدكم امرأته جلد العبد» حديث ثابت وصحيح ومتفق عليه، موضحًا أن الإشكالية ليست في صحة الحديث بل في سوء فهمه لدى البعض.
وأوضح أمين الفتوى في دار الإفتاء، خلال تصريحات تلفزيونية، اليوم الأحد، أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى نهياً قاطعاً عن ضرب الزوجة، وأن ذكر “جلد العبد” في الحديث ليس تبريرًا لأي شكل من أشكال الضرب، بل هو رصد لواقع سلبي كان موجودًا في المجتمع آنذاك ليُبيّن النبي خطأه ويمنعه.
وأضاف أمين الفتوى في دار الإفتاء، أن النهي في الحديث هو عن أصل الضرب، وليس فقط عن شكله القاسي، مؤكدًا أن الشريعة الإسلامية حرّمت إيذاء الزوجة بأي صورة.
أمين الإفتاء: “واضربوهن” لا تعني إيذاء المرأة ولا المشاجرة
وحول الاستشهاد بآية سورة النساء: «واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن»، شدد أمين الفتوى في دار الإفتاء، على أن الآية تتناول حالة النشوز فقط، وأن التعامل معها يأتي تدريجيًا: الوعظ، ثم الهجر في المضجع، ثم ما سمّته الآية “الضرب” بمعنى إظهار القِوامة بشكل رمزي لا إيذائي.
وبيّن أمين الفتوى في دار الإفتاء أن المقصود بالضرب في الآية ليس الضرب المبرح ولا المشاجرة، بل إشارات خفيفة رمزية مثل إمساك طرف الأذن أو اللمس بالسواك، بهدف التذكير بالقِوامة، وليس الإيذاء أو الإهانة.
وأكد أمين الفتوى في دار الإفتاء أن الضرب محرّم ولا يجوز للزوج أن يمد يده على زوجته مطلقًا، مشيرًا إلى أن العلاقة الزوجية في الإسلام قائمة على المودة والرحمة، ولا يمكن الجمع بين الرحمة والإيذاء تحت أي ظرف.
ما هي حقوق الزوجين على بعضهما؟
قالت دار الإفتاء المصرية ، إن الزواج حقوق وواجبات مشتركة بين الزوجين، مشيرة إلى أن لكل من الزوجين حقوقٌ على الآخر، لذا ينبغي ألا ينشغل أحدهما بما له ويتناسى ما عليه من واجبات.
استشهدت «الإفتاء» في تحديدها ما هي حقوق الزوجين على بعضهما ؟، بما قال الله سبحانه وتعالى: ﴿وَلَهُنَّ مِثۡلُ ٱلَّذِي عَلَيۡهِنَّ بِٱلۡمَعۡرُوفِ﴾ الآية 228 من سورة البقرة؛ منوهة بأن هذا يعني أن للمرأة حق على زوجها.
وأضافت في تحديد ما هي حقوق الزوجين على بعضهما ؟: كما للرجل حق على زوجته، فيجب على الزوج تلبية احتياجات زوجته النفسية: كالاحتواء والاحترام والشعور بالأمان والمشاركة في الرأي.
وأوضحت أنه كذلك يجب على الزوج تلبية الاحتياجات المالية لزوجته من نفقة وكسوة وطعام وشراب وغيرها، وكذا الاحتياجات الاجتماعية، مثل السماح لها بزيارة والديها وأقاربها، كما يجب على المرأة أيضًا أن تراعي حقوق زوجها عليها، كالطاعة وحسن العشرة، وذلك حتى تستقيم الحياة بينهما وينعما بالاستقرار.
علاقة كل من الزوجين مع أهل الآخر
من ناحية أخرى أشارت “الإفتاء” إلى أن علاقة كل من الزوجين مع أهل الآخر المبنية على الإحسان والفضل تعود عليهما بالنجاح والسعادة، مؤكدة أنه ليس التعنت بين الزوجين من الدين في شيء، بل لا بد أن تُبنى العلاقة بينهما على التسامح والفضل.
وبينت أنه متى تعامل أحدكما مع والد زوجه أو والدته أو قريبه بما لا يليق، فإنه حتمًا سيؤذي مشاعره، وقد يدفعه ذلك إلى أن يعامل أقاربه بمثل هذا السوء أو أشد، ومن هنا يحصل الجفاء والنفرة، فالإحسان أساس العلاقة مع أهل الزوجين.
واستندت في علاقة كل من الزوجين مع أهل الآخر ، لما ورد عن سهل بن سعد رضي الله عنه قال: «ما كان لعلي اسم أحب إليه من “أبي تراب”، وإن كان ليفرح به إذا دعي بها.
وأردفت: جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم بيت فاطمة عليها السلام، فلم يجد عليا في البيت، فقال: أين ابن عمك؟ فقالت: كان بيني وبينه شيء فغاضبني فخرج، فلم يَقِلْ عندي.
واستطردت: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لإنسان: انظر أين هو؟ فجاء فقال: يا رسول الله، هو في المسجد راقدٌ، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مضطجع قد سقط رداؤه عن شقه فأصابه تراب، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسحه عنه وهو يقول: قم أبا تراب، قم أبا تراب».
وأفادت بأنه قال ابن حجر رحمه الله: (وفيه كرم خلق النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأنه توجه نحو سيدنا علي كرم الله وجهه ليترضاه، ومسح التراب عن ظهره ليباسطه، وداعبه بالكنية المذكورة المأخوذة من حالته، ولم يعاتبه على مغاضبته لابنته رضي الله عنها مع رفيع منزلتها عنده، فيؤخذ منه استحباب الرفق بالأصهار وترك معاتبتهم إبقاءً لمودتهم).