أوروبا بين مطرقة ترامب وسندان بكين.. خبير فرنسي يحذر من «تصدع التكتل» وسط حرب الرسوم

شارك هذه المقالة مع أصدقائك!



أكد البروفيسور ريمي بازلييه، أستاذ الاقتصاد بجامعة السوربون، ومدير مساعد في مدرسة الاقتصاد في حوار خاص لـ«العين الإخبارية» أن حرب الرسوم الجمركية أصبحت بمثابة تهديد عابر للقارات وأداة ضغط شديدة الفعالية.

ويشن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حرباً تجارية متصاعدة تجاه الصين من جهة، والاتحاد الأوروبي من جهة أخرى برفع الرسوم الجمركية.

وقال بازلييه: “ترامب يوجه ضرباته نحو قطاعات استراتيجية كصناعة السيارات والصلب والأدوية، وهي أعمدة اقتصادية لكل من ألمانيا وفرنسا وبلجيكا، معتبراً أن الهدف الحقيقي ليس فقط اقتصادياً، بل تفكيك التماسك الأوروبي وإعادة صياغة قواعد اللعبة بما يخدم المصلحة الأمريكية أولاً”.

البروفيسور ريمي بازلييه أستاذ الاقتصاد بجامعة السوربون

إليكم نص الحوار..

رغم الوزن الاقتصادي والديموغرافي الكبير للاتحاد الأوروبي، لماذا تبدو قوته التفاوضية ضعيفة أمام الولايات المتحدة والصين؟

ريمي بازلييه: هذا التناقض الظاهري هو نتيجة مباشرة لغياب الوحدة السياسية والاستراتيجية داخل الاتحاد الأوروبي. لدينا اقتصاد ضخم بالفعل، لكنه موزع بين 27 دولة، لكل منها أولويات ومصالح مختلفة. بينما تتعامل الصين والولايات المتحدة مع النزاعات التجارية كقضية سيادة وطنية، يتصرف الأوروبيون وكأنهم اتحاد اقتصادي فقط، لا سياسي.

هل تعني أن ضعف البنية المؤسسية الأوروبية يفسر هذه الهشاشة؟

ريمي بازلييه: تمامًا. المفوضية الأوروبية هي من تتفاوض باسم الاتحاد، لكن دون سلطة تنفيذية قوية أو دعم موحد من جميع الأعضاء، تجد نفسها مكبّلة. على الجانب الآخر، تتخذ الولايات المتحدة قرارات جمركية خلال أيام، والصين تطبق سياسات تجارية بقرارات مركزية، بينما يحتاج الأوروبيون إلى أشهر من المفاوضات الداخلية أولًا.

إلى أي مدى تشكل تهديدات ترامب برفع الرسوم الجمركية خطرًا حقيقيًا على أوروبا؟

ريمي بازلييه: ليست مجرد تهديدات، بل ورقة ضغط فعّالة جدًا. ترامب يستهدف قطاعات مثل السيارات والصلب والأدوية، وهي مرتكزات أساسية في اقتصادات ألمانيا وفرنسا وبلجيكا. الغاية ليست فقط اقتصادية، بل تفكيك التماسك الأوروبي وإعادة رسم قواعد اللعبة وفق المصلحة الأمريكية.

وماذا عن الصين؟ هل تختلف استراتيجيتها؟

ريمي بازلييه: الصين تلعب على المدى الطويل. تضع عراقيل غير مباشرة: تنظيمات صارمة، دعم غير شفاف للشركات الوطنية، ومنع جزئي لدخول المنتجات الأوروبية. والأسوأ، أنها تستميل دولًا أوروبية عبر استثمارات استراتيجية ضمن مشروع “الحزام والطريق”، ما يزيد الانقسام داخل الاتحاد. هي تستخدم الاقتصاد كأداة جيواستراتيجية.

هل أوروبا قادرة على قلب الموازين؟ وما الذي ينقصها؟

ريمي بازلييه: أوروبا تحتاج إلى تحول سياسي عميق. لا يكفي أن تكون السوق الأكبر أو أن تملك ناتجًا محليًا ضخمًا. المطلوب هو تبني سياسة تجارية موحدة، حماية صناعية ذكية، وسيادة رقمية وتكنولوجية. الاتحاد بحاجة إلى سلطة تنفيذية حقيقية ومرنة لمواجهة خصوم يتحركون بسرعة ودون قيود ديمقراطية معقدة.

وإذا لم تتبنّ أوروبا منطق القوة المنظمة، فستخضع دائمًا لمنطق القوة المفروضة، سواء من واشنطن أو بكين. الرهان اليوم ليس فقط اقتصاديًا، بل يتعلق بمستقبل الاستقلال الأوروبي.

aXA6IDUxLjkxLjIyNC4xNDQg جزيرة ام اند امز FR



‫0 تعليق

اترك تعليقاً