تزايد مخاوف الكوليرا في دارفور السوداني
أثارت الأخبار الواردة من مختلف المصادر الدولية حول انتشار وباء الكوليرا في إقليم دارفور السوداني قلقاً عميقاً في الأجزاء الجنوبية من البلاد. استجابةً لهذا الوضع، أعلنت الحكومة في بنغازي حالة استنفار صحي قصوى. تأتي هذه الإجراءات في ظل تدفق أعداد كبيرة من اللاجئين السودانيين، خاصةً إلى مدينة الكفرة الحدودية، التي تستقبل حوالي 65 ألف لاجئ.
جهود عاجلة وتحديات قاسية
في إطار التعامل مع هذه الأزمة، اتخذ وزير الصحة قراراً بتشكيل لجنة طوارئ وفريق عمل ميداني لمراقبة الوضع في الكفرة بشكل متواصل. حسب ما أشار إليه رئيس غرفة الطوارئ بالوزارة، فإن معدلات الوفيات والإصابات في دارفور “تثير القلق البالغ”. وقد أفادت إحصاءات صادرة عن منظمات دولية بأن عدد الإصابات قد تجاوز 3000 حالة، مع تسجيل 730 حالة وفاة.
ورغم عدم وجود حالات إصابة بالكوليرا في الكفرة حتى الآن، تقوم السلطات بوضع خطة احترازية لمواجهة أي انتشار محتمل للمرض. تتضمن هذه الاستعدادات تجهيز مركز صحي بسعة 120 سريرًا ومركز للعزل بسعة 40 سريرًا، بالإضافة إلى تأمين المحاليل الوريدية والأدوية والمستلزمات الطبية اللازمة.
ومع ذلك، تواجه هذه المبادرات تحديات جسيمة، أهمها الضغط الهائل على مرافق الرعاية الصحية المحلية نتيجة تدفق اللاجئين، فضلاً عن بطء الاستجابة الدولية وعدم تنفيذ بعض المنظمات الدولية لوعودها بشأن تقديم الدعم للقطاع الصحي في البلاد.
دعوات لتبني استراتيجية صحية شاملة
في ظل هذه التحركات الحكومية، يعتقد الخبراء الصحيون أن هذه الإجراءات، رغم ضروريتها، قد لا تلبي احتياجات الأمن الصحي في البلاد. حيث أشار رئيس سابق للمركز الوطني لتطوير النظام الصحي إلى أن “هذه الخطوة هي فردية وليست كافية لتلبية متطلبات الأمن الصحي الشامل”.
ولم يخف الخبير قلقه من أن الأوبئة والأمراض المعدية تمثل تهديدات خطيرة، خاصة مع تزايد أعداد اللاجئين. وأوضح أن الوضع الحالي يعكس “محاولات خجولة لحل الأزمة” في غياب استراتيجية صحية وطنية واضحة. ودعا إلى أهمية تبني سياسة صحية شاملة، بالإضافة إلى إنشاء مركز وطني للأبحاث الصحية، وتوحيد النظام الصحي لمواجهة التحديات المستقبلية بشكل أكثر فعالية.
وتشير تقديرات منظمة “أطباء بلا حدود” إلى أن وباء الكوليرا في السودان هو الأكثر خطورة منذ فترة، حيث تم تسجيل ما يقرب من 100 ألف إصابة في مختلف أنحاء البلاد منذ يوليو 2024.