قرار هام من البنك المركزي المصري بشأن أسعار الفائدة
عقدت لجنة السياسة النقدية التابعة للبنك المركزي المصري اجتماعها يوم الخميس، الموافق 28 أغسطس 2025، حيث اتخذت قرارًا بتخفيض معدلات العائد على الإيداع والإقراض لليلة واحدة، بالإضافة إلى سعر العملية الرئيسية، بمقدار 200 نقطة أساس. وبذلك، يصبح معدل الإيداع 22.00%، ومعدل الإقراض 23.00%، ونسبة العملية الرئيسية 22.50%. كما تم تخفيض سعر الائتمان والخصم بنفس المقدار ليصل إلى 22.50%. وهذا القرار يعكس تقييم اللجنة لأحدث مستجدات التضخم وتوقعاته منذ الاجتماع السابق.
تطورات الاقتصاد العالمي
شهدت الساحة العالمية مؤشرات تعافي في النمو واستقرار في توقعات التضخم. بالتالي، واصلت البنوك المركزية في كل من الأسواق المتقدمة والناشئة تبسيط سياساتها النقدية، ولو بصورة تدريجية نظرًا لوجود حالة من عدم اليقين. فيما يتعلق بأسعار السلع الأساسية على مستوى العالم، شهدت أسعار النفط تقلبات طفيفة نتيجة لعوامل العرض، بينما اتسمت أسعار السلع الزراعية باتجاهات متباينة. ومع ذلك، لا يزال كل من النمو والتضخم العالميين معرضين للمخاطر، وخاصة مع احتمال ارتفاع التوترات الجيوسياسية وزيادة الاضطرابات في السياسات التجارية.
الأداء الاقتصادي المحلي
تشير التقديرات الأولية من البنك المركزي المصري إلى تحقيق نمو اقتصادي أكبر خلال الربع الثاني من عام 2025 مقارنة بالتوقعات السابقة، ويرجع ذلك إلى مساهمات إيجابية من القطاعات الصناعية غير البترولية والسياحة. لذا، تتوقع هذه التقديرات توسع النشاط الاقتصادي بمعدل 5.4% خلال الربع المذكور، مما يحقق معدل نمو حقيقي قدره 4.5% في المتوسط للسنة المالية 2024/2025، مقابل معدل 2.4% في السنة المالية 2023/2024. ومع ذلك، يفيد التقرير بأن الضغوط التضخمية نتيجة الطلب ستبقى محدودة، مدعومة بالسياسة النقدية الحالية ومتوافقة مع التوقعات النزولية للتضخم على المدى القريب. وفي سوق العمل، انخفض معدل البطالة إلى 6.1% في الربع الثاني من عام 2025 مقارنة بـ 6.3% في الربع الأول من نفس العام.
مستجدات التضخم
شهد المعدل السنوي للتضخم العام تراجعًا ليصل إلى 13.9% في يوليو 2025 مقارنة بـ 14.9% في يونيو 2025. بينما ظل التضخم الأساسي مستقراً عند 11.6% في يوليو 2025، مقارنة بـ 11.4% في يونيو. أما على مستوى شهري، فقد سجل التضخم العام تراجعًا نسبته -0.5% والتضخم الأساسي -0.3% في يوليو 2025. إن هذه المعدلات السالبة للتضخم المسجلة لشهرين متتاليين تشير إلى استمرار الاتجاه النزولي للتضخم بشكل عام، مدعومة بعدة عوامل من أبرزها تراجع حدة تطورات التضخم الشهرية والسياسة النقدية السارية، مما يعكس تحسن توقعات التضخم.
آفاق التضخم المستقبلية
تتوقع اللجنة استمرارية انخفاض التضخم العام، بعد أن انخفض إلى 15.2% خلال الربع الثاني من عام 2025، بعد أن كان 16.5% في الربع السابق. كما تبرز توقعات البنك المركزي أن التضخم قد يستمر في التراجع ليصل متوسطه بين 14% و15% خلال عام 2025. وقد ساهمت هذه التطورات الإيجابية، بجانب تحسن المؤشرات الشهرية للتضخم مقارنة بالأشهر السابقة، في تقديم فرصة لاستئناف دورة التيسير النقدي. وعليه، من المتوقع أن يستمر التضخم في مساره النزولي نحو تحقيق أهداف البنك المركزي بحلول الربع الرابع من عام 2026. ومع ذلك، لا تزال توقعات التضخم تواجه بعض المخاطر المتزايدة سواء من قبل عوامل محلية أو عالمية، مثل تأثيرات تغيرات الأسعار المدارة والسياسية في المنطقة.
استنتاجات النهائية
في ضوء ما تقدم، رأت لجنة السياسة النقدية أن خفض أسعار العائد الرئيسية بمقدار 200 نقطة أساس هو خيار مناسب للحفاظ على سياسة نقدية تدعم الاستقرار وتعزز الاتجاه النزولي المتوقع للتضخم. كما ستواصل اللجنة مراجعة قراراتها حول وتيرة التيسير النقدي بناءً على كل اجتماع، مع التأكيد على أن هذه القرارات تعتمد على التوقعات والمخاطر المحيطة وما يقدم من بيانات جديدة. وسينصب اهتمام اللجنة على متابعة التطورات الاقتصادية والمالية عن كثب وتقييم آثارها المحتملة على المؤشرات الاقتصادية، ولن تتردد في استخدام كافة الأدوات المتاحة للحفاظ على استقرار الأسعار وتحقيق هدف التضخم المحدد بـ 7% (± 2 نقطة مئوية) في الربع الرابع من عام 2026 و5% (± 2 نقطة مئوية) في الربع الرابع من عام 2028.