[استمرار مهمة «اليونيفيل»: التوتر بين واشنطن وباريس في دعم لبنان]

شارك هذه المقالة مع أصدقائك!

الصراع الدبلوماسي حول تجديد ولاية اليونيفيل في لبنان

تكشف التطورات الحديثة المتعلقة بتجديد ولاية القوة المؤقتة التابعة للأمم المتحدة في لبنان، المعروفة باليونيفيل، عن وجود تنافس دبلوماسي معقد بين القوى الكبرى، وبالأخص بين الولايات المتحدة وفرنسا، حيث تختلف الأهداف والمصالح لكلا الطرفين.

المطالب الأميركية المشددة: جدولة إنهاء اليونيفيل

تظهر الإدارة الأميركية، بقيادة دونالد ترمب، إصرارًا ملحوظًا على إنهاء مهمة اليونيفيل بحلول منتصف عام 2026. هذا الموقف يعكس الرغبة الأميركية في تقليل الوجود العسكري الدولي في المنطقة، وقد يرتبط ذلك بضرورات استراتيجية تتعلق بالضغط الإسرائيلي أو بتقييم دور هذه القوات في ضوء المتغيرات الإقليمية.

تشير التقارير إلى أن المبعوثين الأميركيين يميلون إلى التركيز في مفاوضاتهم على الجانب الفرنسي، متجاهلين إلى حد كبير المخاوف اللبنانية. وهذا يوضح أن القرار الأميركي مستند إلى رؤية استراتيجية شاملة لا تتعلق بشكل مباشر بموقف لبنان. يطالب الأميركيون بوضع “آليات واضحة” لبدء “تفكيك اليونيفيل” ابتداءً من الأول من يونيو 2026، مع ضرورة إنهاء المهمة بحلول نهاية أغسطس من نفس العام.

الدبلوماسية الفرنسية: تلبية احتياجات لبنان مع الحفاظ على التوازن

من ناحية أخرى، تلعب فرنسا دور المدافع عن مصالح لبنان في مجلس الأمن، حيث تسعى لصياغة “حل وسط” يرضي الولايات المتحدة دون الإضرار الكامل بوجود القوة. تهدف الدبلوماسية الفرنسية إلى إيجاد بديل يضمن استمرار وجود اليونيفيل لفترة إضافية، أو على الأقل منح لبنان الفرصة للاستعداد لما بعد هذه القوة.

هذا التوجه يُظهر الالتزام التاريخي لباريس تجاه لبنان ورغبتها في الحفاظ على استقراره amid التحديات المتزايدة. تعمل فرنسا على تلبية المطالب اللبنانية بوضع آليات لتفكيك القوة بعد عام من الآن، مما يعطي لبنان الوقت الكافي لتأمين حدوده الجنوبية والتعامل مع الوضع الأمني بفعالية.

أهمية اليونيفيل من منظور الأمم المتحدة: تعزيز السلام ومنع التصعيد

يُبرز وكيل الأمين العام للأمم المتحدة لعمليات السلام، جان بيار لاكروا، أهمية دور اليونيفيل في تعزيز السلام والاستقرار. يوضح أن القوة تعاونت بشكل وثيق مع الجيش اللبناني لتحديد مواقع الأسلحة والذخائر وتخليص المنطقة منها، بالإضافة إلى التعاون مع الأطراف المختلفة لتفادي أي تصعيد أو سوء فهم.

ويشدد لاكروا على أن مسؤولية القوة ليست في فرض السلام، بل في تقديم المساعدة وتيسير الحلول، وأن التزام الأطراف (لبنان وإسرائيل) هو الأساس الذي يدعم تحقيق سلام مستدام. يُظهر هذا الموقف أن اليونيفيل تُعتبر أداة وليست الحل النهائي، وأن مستقبلها مرتبط بشكل مباشر بإرادة الأطراف السياسية بالمنطقة.

الدوافع الإسرائيلية وموقف نتنياهو

تشير التحليلات إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، يسعى جاهداً للتخلص من اليونيفيل في أسرع وقت ممكن لأسباب عدة، منها “الانتقام” من الدول الأوروبية التي تقترب من الاعتراف بالدولة الفلسطينية. هذه الدوافع تضيف أبعادًا إضافية للمشهد، حيث تربط مصير قوة حفظ السلام بالسياسات الإقليمية الأوسع.

الخاتمة

تظهر المواقف الأميركية الصارمة رغبة قوية في إنهاء مهمة طويلة الأمد، بينما تعكس الدبلوماسية الفرنسية حرصًا على استقرار المنطقة. وفي ظل هذه المواقف المتباينة، يتم تأجيل التصويت على تجديد الولاية، مما يترك مستقبل اليونيفيل في حالة من الغموض. يطرح السؤال: هل ستنجح فرنسا في إيجاد صيغة ترضي واشنطن وتحمي مصالح لبنان، أم ستنجح الولايات المتحدة في فرض رؤيتها وتدفع نحو إنهاء مهمة قائمة منذ عدة عقود؟

‫0 تعليق

اترك تعليقاً