في إنجاز يهز أسس الصناعة الغذائية، حققت السعودية طفرة استثنائية بإنتاج 8.4 مليار بيضة ونمو خيالي في الدجاج اللاحم بنسبة 13%، في أرقام تؤكد نجاح استراتيجية المملكة لتحقيق الأمن الغذائي. لكن وسط هذا النجاح الباهر، يخفي تراجع إنتاج الحليب بـ4% تحدياً صامتاً قد يؤثر على جيوب المواطنين قريباً جداً.
سعد الغامدي، مستثمر دواجن من حائل، لا يصدق ما يراه أمام عينيه. مزرعته التي حققت نمواً بـ41% في منطقة حائل وحدها، تعكس قصة نجاح تتكرر عبر المملكة. “الأرقام خيالية، لم أتوقع هذا النمو المذهل“، يقول وهو يشاهد آلاف الدجاجات تملأ حظائره الحديثة. فبينما وصل إنتاج الدجاج اللاحم إلى 1.25 مليون طن، تشهد مناطق “باقي المناطق” نمواً صاروخياً بنسبة 46% يفوق كل التوقعات.
قد يعجبك أيضا :
هذه النتائج المبهرة تأتي كثمرة لاستراتيجية طموحة ضمن رؤية 2030، حيث ضخت الحكومة استثمارات ضخمة في تطوير قطاع الدواجن بتقنيات عالمية متطورة. الدكتور فهد الزهراني، خبير الثروة الحيوانية، يؤكد أن “هذا النمو يضع السعودية في مصاف الدول المكتفية ذاتياً من البروتين الأبيض“. المقارنة صارخة: بينما تعاني دول الجوار من نقص حاد في إنتاج البيض، تسجل السعودية فائضاً يعادل 275 بيضة لكل مواطن سنوياً.
لكن الصورة ليست مكتملة. عبدالله المطيري، مربي أبقار من الرياض، يواجه واقعاً مختلفاً تماماً. انخفاض إنتاج الحليب بـ100 مليون لتر رغم زيادة عدد الأبقار يثير قلقاً حقيقياً. “استثمرت الملايين في تطوير مزرعتي، لكن النتائج محبطة“، يعبر عن إحباطه بينما تؤكد فاطمة السعدون، ربة منزل من الرياض، ملاحظتها لـ”ارتفاع تدريجي في أسعار منتجات الألبان مقابل استقرار مذهل في أسعار البيض“. هذا التباين يخلق معادلة اقتصادية معقدة تتطلب حلولاً عاجلة.
قد يعجبك أيضا :
النجاح الاستثنائي في قطاع الدواجن والتحدي المستمر في الألبان يرسمان خارطة طريق واضحة لمستقبل الأمن الغذائي السعودي. بينما تتجه المملكة لتصبح قوة إقليمية في إنتاج البروتين الأبيض، تبقى الحاجة ملحة لإيجاد حلول مبتكرة لقطاع الألبان. السؤال الحاسم: هل ستتمكن السعودية من تكرار معجزة الدواجن في قطاع الألبان، أم ستواجه تحديات أكبر في رحلتها نحو الاكتفاء الذاتي الكامل؟
