لا مجال للتنصل من تبعية حركة “حسم” الإرهابية لجماعة الإخوان، فالحركة هي ظل الجماعة، تبعا لأدلة وقرائن سردهما خبيران مصريان معنيان بملف التنظيمات المتطرفة.
وعادت “حسم” إلى واجهة الأحداث في مصر مع إعلان وزارة الداخلية اليوم إحباط محاولة الحركة لإعادة إحياء نشاطها وارتكاب عمليات عدائية تستهدف المنشآت الأمنية والاقتصادية.
وأتى الإعلان المصري في أعقاب نشر الحركة مقطع فيديو يتضمن تدريبات لعناصرها بمنطقة صحراوية، قالت وزارة الداخلية المصرية إنها في إحدى الدول المجاورة، والتوعد بتنفيذ عمليات إرهابية بالبلاد
خلية بولاق
وأبرز ما كشفته السلطات المصرية عن الخلية المستهدفة، الآتي:
- مخطط أحياء نشاط “حسم” اضطلعت به قياداتها في تركيا.
- الحركة دفعت أحد عناصرها الفارة بدولة مجاورة للتسلل إلى مصر.
- المخططان الرئيسان هما: يحيى موسى أحد مؤسسي “حسم” ومن قيادات الإخوان، علاء السماحي القيادي الإخواني.
- رصدت أجهزة الأمن تسلل الإرهابي أحمد محمد غنيم، واتخاذه من شقة بمنطقة بولاق الدكرور وكرًا للاختباء.
- نسق غنيم مع الإرهابي إيهاب عبدالقادر، المطلوب في قضية استهداف شخصيات عامة.
- داهمت قوات الأمن وكر الإرهابيين في حي بولاق المكتظ بالجيزة وقتلتهما بعد تبادل إطلاق النار.
الواجهة والظل
جماعة الإخوان كانت استبقت توقيف الخلية بإعلان التبرؤ من “حسم”فور نشرها مقطع الفيديو عن تدريباتها في شهر يوليو/تموز الجاري، ما جدد الحديث عن حدود العلاقة بين حركة “حسم” وجماعة الإخوان.
الخبير في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي منير أديب (مصري) أشار في حديث لـ”العين الإخبارية” إلى دليل حاسم على العلاقة التنظيمية بين الإخوان وحسم، حتى أنه اعتبر أن ظهير جماعة الإخوان يُمثل تعويضا للحركة الإرهابية عن ضعف خبراتها في العمل المسلح.
أما اللواء عادل العمدة المستشار بالأكاديمية العسكرية للدراسات العليا في مصر، فتحدث لـ”العين الإخبارية” عن قرائن تُثبت تلك العلاقة، أبرزها في رأيه تحريات أجهزة الأمن المصرية وبياناتها الرسمية، فضلا عن الأسماء المؤسسة لـ”حسم” والتي تولت مناص قيادية في جماعة الإخوان.
الإخوان تتبرأ
وعقب الضجة الكبيرة التي أثارها المقطع المصور لحركة “حسم”، أصدرت جماعة الإخوان، المدرجة على قوائم الإرهاب في عدد من الدول بينهما مصر، بيانا على لسان القائم بأعمال المرشد في جبهة إسطنبول محمود حسين تبرأت فيه من الحركة.
جماعة الإخوان “جبهة إسطنبول” أكدت في بيانها أنه لا صلات بينها وبين “حسم”، بينما احتفت بالفيديو جبهة أخرى في الإخوان تُعرف بـ”جبهة المكتب العام/تيار التغيير”.
وأشاد قادة من تلك الجبهة منهم يحيى موسى نفسه بفيديو “حسم”، واعتبروا أنه دليل على أن هذه الحركات لم تنتهِ وأنها ستواصل العمل المسلح.
وقال الخبير منير أديب لـ”العين الإخبارية” إن التسجيل المرئي الذي أعلنت فيه “حسم” عودة نشاطها كان حقيقيا واتخذته أجهزة الأمن على محمل الجد، لافتا إلى أن الحركة سبق أن نفذت عمليات إرهابية كبرى في مصر.
وأشاد بنجاح أجهزة الأمن في تفكيك الخلية حتى قبل أن تنفذ أي هجمات، ما يمثل “ضربة استباقية” مهمة تستحق الثناء، ويؤكد يقظة أجزة الأمن، فهذا النجاح سببه “قوة الأمن وليس ضعف الحركة الإرهابية”.
وأوضح أن “حسم أوقفت نشاطها في العام 2019 لأنها أدركت أن أجهزة الأمن هي الأقوى، لذا لجأت الحركة إلى إعادة بناء هيكلها من جديد وإعادة التموضع، حتى أعلنت استئناف النشاط”.
وثيقة كمال
وأوضح أديب أن “حسم كمجموعات مسلحة أضعف بكثير من تنظيمات أخرى عملت في مصر مثل حركة “الجهاد والجماعة الإسلامية”، وتابع: “خبرة حسم الضعيفة عوضها مدصر قوة آخر، هو أنها نشأت من رحم الإخوان، لذلك فعندما يستهدف الأمن خلايا الحركة يعوضها تيار الإخوان”.
وأشار إلى أنه لا مجال لتنصل جماعة الإخوان من “حسم”، وقال “(القيادي الإخواني) محمد كمال أصدر وثيقة تُسمى “المقاومة الشرعية”، ووزعها على المكاتب الإدارية في كل محافظات مصر قبل مقتله، وفيها حض على الانضمام إلى هذه المليشيات”.
ومحمد كمال قيادي بارز في جماعة الإخوان قتلته أجهزة الأمن المصرية في أكتوبر/تشرين الأول من العام 2016.
وتولى كمال عضوية مكتب الإرشاد ورئاسة اللجنة الإدارية العليا لجماعة الإخوان التي أدارت شؤون الجماعة في مصر منذ فبراير/شباط 2014، بعد إلقاء القبض على كبار قادتها وفرار آخرين إلى الخارج.
قرائن العلاقة
من جهته، قال اللواء عادل العمدة في حديث لـ”العين الإخبارية” إن العلاقة بين الإخوان وحسم مؤكدة طبقا لتحريات الأجهزة الأمنية وبيانات وزارة الداخلية، فضلا عن أن قناعات الباحثين المتخصصين في هذا الملف تشير إلى تلك العلاقة.
ولفت العمدة في هذا الصدد إلى الشخصيات التي تشير إليها بيانات أجهزة الأمن باعتبارها قادة “حسم” ومؤسسيها، وهم في الأساس قيادات في جماعة الإخوان.
ويحيى موسى الذي تقول وزارة الداخلية إنه من أبرز مؤسسي “حسم” قيادي إخواني التحق بمكتب وزير الصحة في حكومة الإخوان في نوفمبر/تشرين الثاني 2012، وتم تعيينه في منصب المتحدث باسم الوزارة في فبراير/شباط 2013.
وهرب من مصر إلى تركيا بعد ثورة 30 يونيو/حزيران 2013، وهو مطلوب للإنتربول الدولي بناء على طلب مصري بعد إدانته في عدة قضايا إرهابية حيث صدرت ضده أحكام بالإعدام والسجن لمدد متفاوتة.
وقال العمدة إن أجهزة الأمن ترصد تلك العناصر المخربة في الداخل والخارج، لافتا إلى أن الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي اهتم بالارتقاء بقدرات أجهزة الأمن والاستخبارات لتتبع كل العناصر المخربة التي تستهدف أمن مصر، سواء في الداخل أو حتى في الخارج.
وأشار إلى أن “تساقط الأوراق في المنطقة دفع تلك الجماعات إلى إعادة الكَرة مع مصر مرة أخرى، لعل محاولتها تنجح في تنفيذ المؤامرة”.
وأضاف أن “المشهد الملتهب في الإقليم كان بداية لانطلاق تفعيل العمليات الإرهابية في مصرمرة أخرى”.
وأكد أنه “من الطبيعي أن تتنصل جماعة الإخوان من علاقتها مع “حسم” كون الدولة المصرية متماسكة وقوية، ولكن إن اهتزت الدولة، فستجاهر الجماعة بتلك العلاقة وستتبنى عملياتها”.
aXA6IDUxLjkxLjIyNC4xNDQg جزيرة ام اند امز