ألمح رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، إيال زامير، إلى قرب التوصّل لاتفاق وقف إطلاق النار في غزة، مع تزايد المؤشرات على حلحلة الخلافات.
وقال زامير للجنود الإسرائيليين في قطاع غزة: “إذا توصلنا خلال الأيام القادمة إلى صفقة لإعادة المختطفين، فسيكون ذلك إنجازًا رائعًا لكم”.
ولم يسبق لزامير أن استخدم هذه التعبيرات في الأسابيع الأخيرة، حيث دأب على التهديد بالمزيد من الهجمات.
وأضاف زامير للجنود: “إنجازاتكم الميدانية في إطار عملية ‘عربات جدعون’ هي التي تسرّع حسم حماس وتُحدث الإمكانية لإبرام صفقة لتحرير مختطفين”.
وقال الجيش الإسرائيلي إن زامير “أجرى زيارة إلى عمق الشجاعية (شمال قطاع غزة) وتحدث مع قادة الجنود”.
وأضاف: “إنجازاتكم العملياتية هنا – القضاء على المسلحين وتدمير البنى التحتية المعادية فوق الأرض وتحتها، واحتلال وتطهير مناطق شاسعة – هي التي ستسمح لنا بتغيير أنماط أعمالنا القتالية”.
وتابع: “سنقوم بتطبيق أساليب عمل عملياتية جديدة تُمكّننا من الاستفادة القصوى من نقاط قوتنا، وتقليص نقاط ضعفنا، وتعميق إنجازاتنا، مما سيدفع حماس إلى مأزق متزايد ويقلّل من شعور القوات بالإرهاق. عرضنا الخيارات على المستوى السياسي وسنصمّم الواقع وفقًا لمصالحنا”، دون الكشف عن هذه الخيارات.
تقدّم في المفاوضات
أقوال زامير تزامنت مع تسريبات إسرائيلية عن تقدم في المفاوضات غير المباشرة مع حماس في الدوحة بوساطة مصرية وقطرية.
ونقلت القناة 12 الإخبارية الإسرائيلية عن مصادر سياسية أنه “أُحرز تقدّم في مفاوضات التوصّل إلى اتفاق. نأمل إتمامه خلال الأيام المقبلة”.
أما صحيفة “يديعوت أحرونوت”، فأشارت إلى أن “هناك إجماعًا متزايدًا داخل القيادة الإسرائيلية على أن الاتفاق في متناول اليد”.
وقال مسؤول في مجلس الوزراء الإسرائيلي: “إذا كانت هناك إرادة لإنهاء الأمر – فيمكن إنجازه”.
وأشار المسؤول إلى أن تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حول فرص الاتفاق تعكس جديّته، وأضاف: “تصريحات ترامب ليست من فراغ. رجله موجود في المفاوضات”.
ومع ذلك، فقد حذر المسؤول من أن حماس تُبطئ العملية عمدًا: “إنهم يختبرون صبرنا”.
وبحسب الصحيفة، فإن مؤشر قرب إبرام الاتفاق سيكون زيارة المبعوث الأمريكي إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، إلى الدوحة.
وقالت: “يبدو أن نقطة الخلاف الرئيسية في الأسابيع الأخيرة هي الوجود العسكري الإسرائيلي في أجزاء من غزة، وقد خفّت حدّتها بعد موافقة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو على الانسحاب مما يُسمى ممر موراج، الذي يفصل رفح عن خان يونس”.
وبينما أعرب بعض مسؤولي الدفاع الإسرائيليين عن قلقهم، أكد الجيش أنه سينفّذ أي قرار سياسي.
ومع ذلك، تتواصل الاتهامات المتبادلة بين إسرائيل وحماس، كما تكثّف إسرائيل الهجمات العسكرية على القطاع.
ونقلت “يديعوت أحرونوت” عن مسؤولين أن إسرائيل أرجأت إرسال وفد رفيع المستوى إلى الدوحة، رغم التفاؤل المتزايد بشأن اتفاق محتمل لوقف إطلاق النار وإطلاق سراح الأسرى مع حماس.
وقال المسؤولون إن خيار إرسال مبعوثين إسرائيليين إلى قطر “غير مطروح تمامًا” في الوقت الحالي، ولم يُحدَّد موعد للتوصل إلى اتفاق.
وأشارت الصحيفة إلى أن هذا التصريح جاء “وسط تقارير عن تضييق هوة الخلافات بين الجانبين”، ومن غير المتوقع أيضًا أن يزور ستيف ويتكوف، المبعوث الخاص للرئيس ترامب، الدوحة في هذه المرحلة.
وقال مصدر إسرائيلي للصحيفة: “هذا هو المؤشر الأهم”.
وكانت إسرائيل قد أعلنت أساسًا أنها سترسل وفدًا رفيعًا إلى الدوحة فقط في حال وصول ويتكوف إلى هناك.
وما زال الوفد الإسرائيلي المفاوض في الدوحة، ولم يغادرها منذ بدء المفاوضات قبل أكثر من أسبوعين.
مماطلة حتى هذا الموعد
لكن في إسرائيل، ثمة من يربط بين موعد الاتفاق المحتمل وبين بدء الكنيست الإسرائيلي في 27 من الشهر الجاري إجازة طويلة تستمر 3 أشهر.
وقالت صحيفة “معاريف” الإسرائيلية في تقرير طالعته “العين الإخبارية”: “لقد أثبت التاريخ السياسي بالفعل أن عطلات الكنيست يمكن أن تمنح رؤساء الحكومات ميزة تكتيكية. فهي لا تتيح فقط الابتعاد عن صخب الجلسات، بل تفسح المجال لإدارة خطوات حساسة بعيدًا عن الأنظار العامة”.
وأضافت: “هذا ما فعله نتنياهو في صيف 2010، عندما اختار تأجيل الإعلان عن تجميد البناء في المستوطنات حتى انتهاء العطلة، وهي خطوة هدفت إلى تهيئة الأرضية لاستئناف المفاوضات مع الفلسطينيين دون الاصطدام الفوري مع شركائه في اليمين. ومن الممكن أن تتكرر هذه الديناميكية مرة أخرى اليوم”.
وأشارت الصحيفة إلى أنه “وفقًا للوائح الكنيست، لا يجتمع الكنيست خلال فترة العطلة لإجراء مناقشات واجتماعات منتظمة، إلا في حالات استثنائية تُعقد فيها جلسة خاصة”.
وقالت: “الأهمية السياسية لهذا الأمر كبيرة: من الصعب، إن لم يكن من المستحيل، إسقاط الحكومة وقيادة البلاد إلى انتخابات مبكرة. كما لا يتم تقديم القوانين في الجلسة العامة أو في اللجان، ما لم يتخذ رئيس الكنيست قرارًا استثنائيًا. لجنة الكنيست نفسها تنتقل إلى شكل محدود”.
وأضافت: “لذلك، حتى لو رغب شركاء نتنياهو في الائتلاف، مثل الوزيرين إيتمار بن غفير أو بتسلئيل سموتريتش، في التعبير عن غضبهم من تحركاته السياسية، فلن يكون بإمكانهم إسقاط الحكومة أو تفكيكها عبر أدوات برلمانية اعتيادية بشكل فوري. أي تحرك من هذا النوع، إن كان مطروحًا، سيُضطر للانتظار حتى نهاية العطلة”.
وذكرت الصحيفة: “هنا تحديدًا يكمن تفوّق نتنياهو: التجميد السياسي يتيح له العمل في الساحة الدبلوماسية وسط ضجيج أقل بكثير. المفاوضات في الدوحة مستمرة، ومن المرجح أن تنضج بالضبط عندما تمرّ السياسة الإسرائيلية إلى وضع ‘صامت’ خلال العطلة القريبة”.
وقالت: “وإذا تم التوصل إلى اتفاق، وبحسب الصيغة المقترحة، فإن بدء سريان وقف إطلاق النار سيمهّد لفترة مفاوضات تمتد لـ60 يومًا حول إنهاء الحرب، وهي بالضبط مدة العطلة – ما يخلق لنتنياهو فترة من النعمة الدبلوماسية والسياسية”.
وأضافت: “من الناحية العملية، حتى إذا وصف سموتريتش الاتفاق بأنه ‘استسلام’ وهدد بن غفير بالاستقالة، فلن يكون بالإمكان تنفيذ خطوات فورية لحل الائتلاف وإسقاط الحكومة”.
وتابعت: “الجدل السياسي سيتأجل على ما يبدو إلى وقت لاحق، وهذا يشكّل ميزة مهمة لمن يسعى إلى دفع صفقة متعددة المراحل، مليئة بالمخاطر والتقلبات”.
وأردفت: “بطبيعة الحال، العطلة لن تحل جميع مشاكل نتنياهو وصعوباته في طريق التوصل إلى وقف إطلاق نار دائم، لكنها بالتأكيد ستخلق مناخًا أكثر بناءً للمحادثات”.
واستدركت: “التحديات، طبعًا، لن تزول: على نتنياهو أن يواجه انتقادات لاذعة من اليمين، وربما حتى من داخل حزب الليكود. لكن طالما لا توجد جلسات عامة، ولا تصويتات، ولا وسيلة رسمية للتعبير عن الاحتجاج – يمكنه أن يركّز جهوده في المفاوضات دون أن يهتزّ كرسيه في الوقت الحقيقي”.
aXA6IDUxLjkxLjIyNC4xNDQg جزيرة ام اند امز