كتب عنه الأدباء وألهم العديد من الشعراء وتغنو بجماله.. وظل ذلك الإعجاب موجودا حتى أول هبوط بشري على سطحه.. إنه رفيقنا السماوي “القمر”.
ينير السماء بنوره الجميل الذي ينشر معاني الفرح والسرور والبهجة ويرتبط به بداية شهر جديد وانتهاء آخر وهذا ما يجعل نوره وشكله مختلفا في أول الشهر عن نصفه ونهايته.
ومع هبوط أول رحلة على سطح القمر في إطار مهمة “أبولو 11” يوم 16 يوليو عام 1969، اكتشف العلماء صخوره وظلمته وتوارى الجانب الحالم الجميل لنعرف وجه آخر مظلم لا يعرفه أحد كشف.
عندها فقط عرف الجميع أن سطح القمر يتكون من الصخور والبراكين الخامدة والحمم البركانية والحفر ومغطى بأكوام ركامية ناتجة عن الفحم الرمادي والحطام الصخري والغبار الناعم.
والقمر هو رفيق درب الأرض يبلغ عمره حوالي 4.6 مليار سنة وهو نفس عمر الأرض تقريبا، نراه مكتملا دائرة مضيئة تنير عتمة الليل .. وسرعان ماتمر الأيام ويختفي من السماء بل نبحث عنه ولا نجده.
وهو جسم غير مضيء بذاته يدور في مداره حول كوكب الأرض، وهو القمر الوحيد الخاص بكوكب الأرض ويصنف بأنه أحد أكبر أقمار المجموعة الشمسية، كما أن له العديد من الفوائد التي تنعكس على كوكب الأرض.
– رحلة إلى الفضاء
وفي ذكرى أحد أعظم إنجازات البشرية على الإطلاق وهو أول هبوط بشري على سطح القمر عام 1696، أعلنت الجمعية العامة للأمم المتحدة اختيار يوم 20 يوليو من كل عام “اليوم الدولي للقمر”، تأكيدا من الأمم المتحدة أن الفضاء الخارجي أضاف بعدا جديدا للوجود البشري، حيث تسعى الأمم المتحدة باستمرار إلى الاستفادة من الفوائد الفريدة للفضاء الخارجي لما فيه خير البشرية جمعاء.
ويعتبر يوم القمر العالمي بمثابة تذكير بأن استكشاف الفضاء لا يزال مستمرا حتى اليوم، إضافة إلى تسليط الضوء على أهميته التاريخية.
وفي هذا اليوم قبل 55 عاما، هبط رائدا الفضاء نيل أرمسترونج وباز ألدرين على سطح القمر في موقع أطلقوا عليه اسم Tranquility Base، في أول اسكتشاف لسطحه ضمن رحلة أطلقتها الولايات المتحدة باسم “أبولو 11”.
ومهمة أبولو 11 هي رحلة الفضاء التاريخية لناسا التي حققت أول هبوط مأهول على سطح القمر، وانطلقت في 16 يوليو 1969 وحملت رواد الفضاء نيل أرمسترونج وإدوين باز ألدرين ومايكل كولينز.
وفي 20 يوليو 1969، هبط أرمسترونج وألدرين إلى سطح القمر في الوحدة القمرية “النسر”، وأصبح أرمسترونج أول إنسان تطأ قدمه على سطح القمر، وعلق حينها: “هذه خطوة صغيرة لرجل، قفزة عملاقة للبشرية”.
أمضى رواد الفضاء نحو 2.5 ساعة في إجراء التجارب وجمع العينات، وشكلت عودة أبولو 11 الناجحة إلى الأرض في 24 يوليو 1969 علامة بارزة في استكشاف الفضاء وإنجازا بالغ الأهمية للبشرية.
– السباق نحو القمر
في ظل ما يزخر به الفضاء من ثروات وأسرار .. يتصاعد السباق العالمي نحو القمر في محاولة للسيطرة من أجل البحث عن الموارد الطبيعية الموجودة.
فعلى الرغم من أن سطح القمر يبدو قاحلا، إلا إنه يحتوي على معادن من بينها التربة النادرة، والحديد والتيتانيوم، والهيليوم والتي تستعمل في صناعة كل شيء من الموصلات الفائقة القدرة إلى التجهيزات الطبية.
تلك الثروات جعلت القمر هدفا من نوع مختلف وانتقل سباق السيطرة على الثروات الطبيعية المدفونة في باطن الأرض، إلى الثروات الموجودة على سطح القمر، والتي ما تزال مجهولة.
وخلال العام الأخير حطت مركبات فضائية هندية وأخرى يابانية على سطح القمر كما أرسلت أول شركة أمريكية من القطاع الخاص مركبة إلى سطح القمر وهناك شركات أخرى في الطريق.
وفي الوقت نفسه تريد وكالة الفضاء الأمريكية “ناسا” إرسال البشر مرة أخرى إلى القمر كما يستعد رواد الفضاء في برنامج أرتيميس للهبوط على سطح القمر بحلول عام 2026 وتقول الصين إنها سترسل البشر إلى القمر في عام 2030 وبدل الزيارة القصيرة، تعتزم إقامة قواعد دائمة هناك.
وهنا يثور العديد من التساؤلات، منها “هل القمر يصلح للحياة أم لا؟ هل توجد مصادر للمياه أم لا؟ ماذا يوجد في الجانب المظلم من القمر ومن يكتشفه قبل الآخر؟”.
كل ذلك وغيره يجعل الدول تتسابق لإرسال مركبات فضائية أو مركبات مأهولة إلى سطح القمر مثل أمريكا وروسيا والصين والهند في محاولة لاكتشاف المجهول.
– صراع أمريكي – روسي
على الرغم من أن معاهدة الفضاء الخارجي التابعة للأمم المتحدة تقر إن القمر ملك للجميع وينص اتفاق الأمم المتحدة عام 1967 على أنه “لا يحق لأي دولة أن تملك القمر”، وإن أي استكشاف لابد أن يكون في خدمة البشرية ولمصلحة جميع الأمم إلا أن المنافسة بين وكالتي الفضاء الأمريكية والروسية وصلت إلى سطح القمر.
فقد احتشدت البلدان للحصول على فرصة صناعة التاريخ من خلال الوصول إلى القمر أولا وأدى التوتر بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي، بعد الحرب العالمية الثانية، إلى مخاوف من أن يتحول الفضاء إلى ساحة للمعارك العسكرية.
وفي عام 1959، تغلب الاتحاد السوفيتي على الولايات المتحدة ليصبح أول دولة تصل إلى سطح القمر بمركبتها الفضائية “لونا 2″، لكن الولايات المتحدة كانت أول دولة تضع إنسانا على سطح القمر في عام 1969.
وحتى يومنا هذا لا تزال الولايات المتحدة الدولة الوحيدة التي أوصلت رواد الفضاء الذين ساروا على سطح القمر، فقد حصل 12 إنسانا فقط جميعهم أميركيون على هذا الامتياز، ومنذ أكثر من 50 عاما لم يتغير عددهم، ولكن هذا العدد سيتزايد قريبا.
وعلى الرغم من نجاح بعثات أبولو الأمريكية في الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي في الهبوط في المقام الأول قرب خط استواء القمر، فإنه حتى الآن لم تتمكن سوى 5 دول فقط وهي الولايات المتحدة وروسيا والصين واليابان والهند من تحقيق هبوط سلس ناجح على سطح القمر.
– العودة للفضاء
في سبتمبر 2020 أعلنت وكالة الفضاء الأمريكية “ناسا” رسميا تفاصيل خطة بتكلفة 28 مليار دولار للعودة إلى القمر بحلول عام 2024 في إطار برنامج يحمل اسم “أرتيميس”،لإرسال رجل وامرأة إلى سطح القمر، في أول هبوط مأهول منذ عام 1972.
وبعد تأجيلها لأكثر من مرة، نجحت المهمة “أرتميس 1″، في الانطلاق ناحية القمر بنجاح، حاملة 3 دمى تجريبية و10 أقمار صناعية صغيرة، في أول تحرك جدي في خطة العودة إلى القمر.
وتعد “أرتميس 1” جزءا من مهمة أكبر تتكون من 3 مهام جزئية، تنطلق الثانية في عام 2024 والتي ستكرر الرحلة حول القمر لكن برواد فضاء، أما الثالثة فمن المتوقع أن تنطلق في عام 2025 وستكون أول مهمة مأهولة إلى سطح القمر منذ “أبولو 17”.
وتستخدم المهمة “أرتميس 1” نظام إطلاق صاروخي وهو نظام جديد للمركبات الفضائية بقدرات فائقة، وبحسب وكالة ناسا فهو أقوى أنظمة الإطلاق التي طورتها الوكالة على الإطلاق، ويمكنه إرسال حمولة تقارب 20 طنا إلى القمر.
وأعلى الصاروخ توجد كبسولة رواد الفضاء المسماة “أوريون”، وهي النسخة الأحدث على الإطلاق من كبسولات رواد الفضاء.
في مقابل تلك الخطوة.. كان المسؤولون الصينيون قد أعلنوا مؤخرا عن خطة لإنشاء محطة للأبحاث القمرية بالاشتراك مع روسيا، تتضمن وجودا ثابتا لرواد الفضاء على القمر.
يأتي ذلك بعد نجاحات متنوعة لبكين حيث هبط المسبار الصيني “تشانغ إي 4″ في يناير 2019 على الجانب الآخر للقمر، ذلك الذي لا يقابلنا على الأرض، في سابقة هي الأولى من نوعها في التاريخ، حيث أعلن التلفزيون الصيني الخبر مع عرض مجموعة من الصور التي تظهر فيها أرض القمر من الجانب الآخر، وسط فرحة عارمة بالإنجاز.
– شكل وتركيب القمر
يتكون القمر من ثلاث طبقات هي:
* القشرة: أولى طبقات القمر ويبلغ سمكها 70 كيلومترا في الجزء المرئي من القمر و150 كيلومترا في الجزء غير المرئي، وتتكون القشرة من الأكسجين والسيليكون والمغنيسيوم والحديد والكالسيوم وألمنيوم، بالإضافة إلى كميات قليلة من الكروم والتيتانيوم والمنجنيز، واليورانيوم والثوريوم والبوتاسيوم والهيدروجين وعناصر أخرى.
* الستار: ثاني طبقات القمر وأكبرها سماكة إذ تبلغ حوالي 1.350 كيلومترا.
* نواة القمر: وتسمى باللب وهي ثالث طبقات القمر ويبلغ سمكها حوالي 240 كيلومترا.
– أقمار المجموعة الشمسية
تضم المجموعة الشمسية حوالي 200 قمرا يدور حول الكواكب وبينما يضم كوكب الأرض قمرا واحدا، تضم معظم الكواكب أقمارا متعددة ما عدا كوكب عطارد وكوكب الزهرة فإنهما لا يمتلكان أي قمر.
وقد أثبتت وكالة “ناسا” للفضاء أن كوكب بلوتو وبعض الكويكبات الأخرى تضم أقمارا أيضا، كما يحتوي المشتري وزحل على العدد الأكبر من الأقمار وتمتاز الأقمار بأشكال وأحجام وأنواع مختلفة، كما تحيط الأغلفة الجوية بعضا من هذه الأقمار على عكس بعضها الآخر، كما يمكن أن تحتوي بعضها على محيطات موجودة تحت أسطحها، وتتكون الأقمار من الغازات والغبار من بقايا تكوين النظام الشمسي.