رغم موجات الحر الشديدة التي تشهدها البلاد هذا الصيف، سجّلت تونس تراجعًا كبيرًا في عدد حرائق الغابات خلال صيف 2025، في تطور لافت يعكس فعالية الجهود الوقائية والتوعوية المبذولة في هذا المجال.
ووفقًا لبيانات حديثة صادرة عن الإدارة العامة للغابات، انخفض عدد الحرائق بنسبة تفوق 60% مقارنة بالفترة نفسها من عام 2023، بينما تراجعت المساحات المتضررة بأكثر من 70%.
وقال الصحبي بن ضياف، مدير المحافظة على الغابات، إن المساحة المتضررة من الحرائق حتى منتصف يوليو الجاري بلغت 550 هكتارًا، من بينها 297 هكتارًا من الغابات والمناطق شبه الغابية، مشيرًا إلى أن الوضع العام يعتبر “عادياً” وأن عمليات الرصد والتدخل متواصلة على مدار الساعة.
وأوضح بن ضياف، في تصريحات لـ”العين الإخبارية”، أن فرق الإطفاء نفّذت أكثر من 410 عمليات تدخل خلال الفترة الماضية، مؤكدًا أن التوعية المجتمعية، لاسيما بين سكان المناطق الغابية، تمثل عنصرًا محوريًا في استراتيجية الوقاية من الحرائق.
وأشار المسؤول إلى أن تونس تسعى إلى رفع نسبة الكساء الغابي إلى ما بين 12% و16% من إجمالي المساحة الجغرافية للبلاد، مقارنة بنسبة 8.5% حاليًا، في إطار رؤية طويلة الأمد لتعزيز الاستدامة البيئية. كما تعمل الإدارة العامة للغابات على إعداد “الاستراتيجية الوطنية للغابات 2050″، بهدف ترسيخ الاستغلال المستدام للموارد الغابية وتعزيز منظومة الحماية.
من جانبه، أرجع الخبير البيئي عادل بن سليمان انخفاض الحرائق هذا العام إلى تصاعد الحملات التوعوية والتشديد في الرقابة على الغابات والمساحات المزروعة. وأكد أن القانون التونسي يعاقب بشدة على إشعال الحرائق، مشيرًا إلى أن العقوبات تتراوح بين الغرامات المالية والسجن، وقد تصل إلى عامين في حال امتداد الحريق إلى الغابات.
ولفت بن سليمان إلى التنوع النباتي في الغابات التونسية، التي تضم أنواعًا مثل الصنوبر الحلبي، العرعار، الذرو، الصدر، والفرنان، إلى جانب الغابات المزروعة المخصصة لحماية التربة من الانجراف.
وشدد الخبير البيئي على ضرورة تعزيز قدرات جهاز إدارة الغابات، وتطبيق القانون بشكل صارم، إضافة إلى تطوير منظومة رقابة بالأقمار الصناعية لرصد الحرائق مبكرًا.
وبحسب المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، تغطي الغابات نحو 34% من مساحة تونس البالغة 163,610 كيلومترات مربعة، وتتركز في الشمال الغربي والوسط الغربي، حيث يعيش نحو مليون مواطن. وتُقدّر القيمة الاقتصادية لهذه الغابات بحوالي 932 مليون دينار تونسي (نحو 310 ملايين دولار أميركي).
ويستعيد التونسيون ذكرى صيف 2022 حين اندلع حريق ضخم في منطقة “بو قرنين” قرب العاصمة، والتهم أكثر من 500 هكتار من غابات الصنوبر، واستغرقت السيطرة عليه ثلاثة أيام متتالية، في واحدة من أسوأ حرائق البلاد خلال السنوات الأخيرة.
aXA6IDUxLjkxLjIyNC4xNDQg جزيرة ام اند امز