الإخوان ونقابة المعلمين.. مشروع التغلغل السياسي يفشل أمام القانون بالأردن

شارك هذه المقالة مع أصدقائك!



بعد قرار المحكمة الدستورية الأردنية بعدم دستورية قانون نقابة المعلمين، تتضح الصورة القانونية والسياسية بشكل لا لبس فيه: النقابة، تأسست على سندٍ قانوني باطل، وبالتالي فإن ترخيصها، وكافة الإجراءات والكيانات المترتبة عليه، باتت معدومة الأثر ومخالفة للدستور.

وهنا لا مجال للاجتهاد أو التأويل، فالدستور واضح، وقرارات المحكمة الدستورية مُلزِمة ونهائية وغير قابلة للطعن.

وبناءً على ذلك، فإن الواجب الدستوري يفرض على الحكومة التحرك فوراً لإعلان إلغاء ترخيص النقابة، التي ينتسب إليها عشرات الآلاف من المعلمين والمعلمات في الأردن، والبدء بتصفية أموالها وموجوداتها، بحسب ما يؤكد خبراء قانونيون، حمايةً للمال العام، وصوناً للشرعية الدستورية.

لكن الحقيقة الأهم، التي لا يجب إغفالها، أن هذا الانهيار القانوني والدستوري لم يكن قدراً محتوماً، بل نتيجة مباشرة لسلوكيات وممارسات خاطئة تبنّتها قيادات سابقة داخل النقابة.

تلك القيادات، التي اختطفت النقابة، وحرفت بوصلتها عن أهدافها المهنية التي أُنشئت من أجلها، وجرّتها إلى مربعات التأزيم والتجييش والصدام مع الدولة، كانت السبب الحقيقي في ما آل إليه الحال.

لقد تصرفت هذه القيادات التابعة لجماعة الإخوان المحظورة بغطرسة سياسية، وبغباء تنظيمي لا يليق بمسؤولية تمثيل عشرات الآلاف من المعلمين، وسعت لفرض أجندات خارج الإطار المهني، حتى فقدت النقابة مبرر وجودها، واصطدمت مع الشرعية الدستورية نفسها.

وفي هذا السياق، لا يمكن تجاهل الدور الذي لعبته جماعة الإخوان المحظورة وتحديدا قياداتها المستفزة، التي رَكبت موجة احتجاجات النقابة، وسخّرتها كأداة للمواجهة مع الدولة، معطّلةً بذلك الحياة العامة، ومغذّيةً لحالة من الفوضى والتأزيم. إلا أن الأردن، بحكمته القانونية ومؤسساته الدستورية، حاصر هذه المحاولات، وواجهها عبر المسارات القانونية الرصينة.

وقد أدى هذا التحرك الرسمي إلى حظر الجماعة فعلياً من الساحة الأردنية، وتجفيف حضورها داخل النقابة التي أصبحت، بحكم قرار المحكمة الدستورية، كياناً معدوم الوجود من الناحية القانونية.

إن ما جرى اليوم هو نتيجة حتمية لمسار انفصل عن الصالح العام، وابتعد عن قواعد الحكمة والنضج النقابي، وفشل في الحفاظ على المؤسسة كمنصة لخدمة المعلمين.

ورغم هذا الفصل، فإن حق المعلمين في تنظيم أنفسهم لا يسقط، ولكن ضمن أُطر قانونية جديدة، نقابية خالصة، تحفظ كرامتهم، وتلتزم بالدستور، وتعيد العمل النقابي إلى سكّته الصحيحة، بعيداً عن المغامرات والمواجهات الفارغة.

نعم، انتهى فصل من الفوضى تحت غطاء نقابي، وآن الأوان لفتح صفحة جديدة. صفحة تُبنى على الدستور، ويقودها العقل، ويُحترم فيها المعلم كمربّي أجيال، لا كورقة في لعبة سياسية عابثة.

الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة



‫0 تعليق

اترك تعليقاً